الصداقة
الصداقة
الصداقة رابطة حب , وتعاون بين الناس , لايمكن لأحد أن يعيش دونها , أو ينكر حاجتنا اليها في بناء المجتمع السعيد االفاضل
تعريف الصداقة
والصداقة الحق ائتلاف روحين... وأنسجام عاطفيتين... وتشاكل طبعين... ونقاء ضمرين ... التقيا في حب الخير ... وتلاقي وجدين في دروب الألفة ... نور يلقيه قلب الصديق المحب على صديقه, فيبدد الظلمة و ويهتك استار الغباوة ويمزقها كما يغشى النفوس من حجب تحول بينها وبين خير الآخرين و وتمنحها حسن التصرف , وطيب المعاملة في مختلف الحلات والأحوال
تولد في قلب الآنسان الوفي وتترعرع , وتجتمع اليها مواد من الحرص , كلما قويت , ازداد أخلاصا ووفاء فتضيء سيل الحق , إذغ ما زاغت الأبصار , وتاهت العقول في مفاوز الدسائس والدعاوى الفارغة
أختيار الأصدقاء والصديقات
ومع هذا فان الناس مختلفون في أختيار الأصدقاء , لأن أكثرهم غافل عن سر الصداقة , وما تستلزم من واجبات وما يتطلب من أسس , فهم مدفوعون إليها بعامل العاطفة , لا بدافع العقل بنوازع الكثرة والغلبة , لا بمقتضيات الحاجة والضرورة ,وشتان ما بين هذه الدوافع , وتلك الميول والرغبات
ومن هنا ترى الناس لا يكترثون لاختيار الصديق أو الصديقة الحق ..ولا يحفلون بانتقاء الصاحب الصدوق ,فهم يتخذون الأصدقاء قبل الأختيار , والتجريب والمعاملة , ولذلك غالبا مايقع بعضهم في شرك الصداقة المزيفة وقد خلفهم قطار الندم شاكين باكين, وكل ما تبين وتناكر منها اختلف وتفرق , فالمراد بالتعارف ما بين النفوس من التناسب والتشاكل , والمراد بالتناكر ما يقوم دونها من التنافر والتباين , وكل ذلك وفاق ما جبلت عليه النفوس من الأخلاق , وما اكتسبت من الصفات وما تطبعت به من عادات....
الأصدقاء وضرورة الانتقاء
ولما كان وجود الأصدقاء , ضرورة في حياة الأنسان , كان أختيارهم أشد ضرورة ,والا كانوا وبالا عليه مما لو عاش منفردا , وحيدا , فإن كان في اتخاذ الحبة والمنفعة ورجاء ففي عدم انتقائهم واختيارهم ضرركبيرو من هنا كان على الأنسان العاقل و أن يستخلص لنفسه الأصدقاء الإ المجربين ,ولا يركن لغير المخلصين منهم , فمثل هؤلاء يأملون من الصداقة طمعا في جاه المصادق أو ماله, وما حمله على المودة والإخاء
لا بد من وضع الأصدقاء على محك التجربة لا كتشاف معادنهم الحقيقة
إن الرجال صناديق مقفلة.... وما مفاتيحا غير التجاريب
ومن الحكمة أن يقلل الأنسان من الأصحاب , ويضيق من شروط الانخراط في سلك صداقته
وأن يجري التنسيقات اللآزمة في دوائر صحبته, وأن يجعل خارج إطار ثقتها من ليس أهلا للعمل في حكومة مودته
وخلاصة القول إن التقليل من الأصحاب والاقتصار على أختيار الأوفياء منهم و أمر ضروري لابد من أخذه بعين العتبار , قبل الاندفاع العاطفي
وبهذا الصدد يقول الشاعر
عدوك من صديقك مستفاد.... فلا تكثرن من الصحاب
فإن الداء أكثر ماتراه .... يحول من الطعام أو الشراب
ولذلك لا تتوطد أركان المحبة في الصداقة الحق , الا إذا استحكمت حلقات الخلق الحسن بين المتحابين , كما أن التفرقة بين الأخلاء الأصفياء من نتائج الخلق السيء واعلم أن الصداقة لا تدوم , الا إذا كانت خالية من كل شائبة ومنزهة عن كل غرض مادي , لأنها معنى من المعاني التي لا تتعلق بها المادة , فمتى خلطت بها فسد جوهرها , وكدر صفاؤها
وقدجاء في الحديث الشريف
( أن رجل زار أخا له في الله , فارصد الله له ملكا , فقال : اين تريد ؟ فقال : أريد أن ازور أخي فلانا : لحاجة لك عنده ؟ قال : لا :فقال: فيم :قال : أحبه لله : قال : فإن الله ارسلني إليك يخبرك بأنه يحبك لحبك إياه : وقد أوجب لك الجنة)
فالصداقة الحق هي التي تكون خالصة لوجه الله , لا تدفع اليها منفعة ولا يقود اليها جاه أو طمع
وقد جاء في الحديث الشريف.
إن أقربكم مني مجلسايوم القيامه , أحاسنكم أخلاقا و الموطؤون أكنافا و الذين يألفون ويؤلفون
ومن دواعي الصداقة, الألفة , كأن يكون بين الصديقين مشاكة في الطباع ومجانسة في الخلاق وأتفاق في الاراء و ومواءمة في الميول والأهواء وتقارب في الهواية , لأن شبيه الشيء منجذب إليه فالتناكر نتيجة التباين والائتلاف نيتجة التناسب
شروط اختيار الصديق أو الصديقة...
ومن ينظر على ما يقع بين الأصدقاء , من شقاق يستنتج لأن السبب في هذا كله يعةد إلى سوء اختيار الصديق فلم تنهض الصداقة . بينهم على دعائم متينة , ولذلك ترى من الأصدقاء ذؤبانا أو وحوشا لبسوا زي الصديق , وتقنعوا بأهابة حتى إذا انقضى ما أرادو , رجعوا متباينين , وانقلبوا مختلفين , لذلك على الأنسان الذي يغي السعادة في صحبة , أن يختار منهم من اجتمعت فيه أمور خمسة...
1) مشاكلته اياه لأن الجنس ميال إلى الجنس
2) أن يكون ذو عقل موفور , فالأحمق لا يمكن أن تدوم صحبته
3) أن يكون صاحب وجدان , ويحمله دائما على فعل الخير , ويربأ به عن موارد الشر
4) أن يكون محمود الاخلاق , مرضي الأفعال , مؤثرا للخير , آمر به , كارها للشر , ناهيا عنه , فان مودة الشر تكسب الأعداء , وتفسد الخلاق
5) أن يكون وفي مخلص من المتصادقين , ميال للآخر , مجرد عن الهوى تدفعه رغبة صادقة في المحبة والمودة والمؤخاة
وبتلك الأمور , تدوم المحبة , وتستمر الصداقة , على مر الأيام
وحين يجد المرء صديقا استكمل شروط الصداقة, عليه الا يتعقب زلاته ويبحث عن هفواته فان هذا من دواعي حل أواصر المودة , بل عليه أن يتجاوز عن أخطائه , ومن ذا الذي ترضى سجاياه كلها ,فان حاول أحد أن يحمل الناس على التجرد من كل عيب و فقد ركب مركبا صعبا وارتقى مرتقى وعرا لأنه بتلك المحاولة , يريد أن يخرجهم من الطور الانساني الروحي , إلى تلك الطور المادي , وهذا ما لا يقدر عليه المحاول , ومن رام صديقا لا عيب فيه فقد طلب العزلة , والحياة منفردا
ولذلك فأن من افضل الأصدقاء وأحسنهم , ما وصفه ( علقمة العطاري ) لا بنه موصيا اياه حين حضرته الوفاة , وقد جمع في قوله هذا , جميع حقوق الصحبة